فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أو فصبر جميل أمثل وأجمل على أنه مبتدأ خبره محذوف، وهل الحذف في مثل ذلك واجب.
أو جائز؟ فيه خلاف، وكذا اختلفوا فيما إذا صح في كلام واحد اعتبار حذف المبتدأ وإبقاء الخبر واعتبار العكس هل الاعتبار الأول أولى أم الثاني؟.
وقرأ أبي والأشهب وعيسى بن عمر {فصبرًا جميلًا} بنصبهما وكذا في مصحف أنس بن مالك، وروي ذلك عن الكسائي، وخرج على أن التقدير فاصبر صبرًا على أن اصبر مضارع مسند لضمير المتكلم، وتعقب بأنه لا يحسن النصب في مثل ذلك إلا مع الأمر، والتزم بعضهم تقديره هنا بأن يكون عليه السلام قد رجع إلى مخاطبة نفسه فقال: صبرًا جميلًا على معنى فاصبري يا نفس صبرًا جميلًا، والصبر الجميل على ما روي الحسن عنه صلى الله عليه وسلم ما لا شكوى فيه أي إلى الخلق وإلا فقد قال يعقوب عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله} [يوسف: 86]، وقيل: إنه عليه السلام سقط حاجباه على عينيه فكان يرفعهما بعصابة فسئل عن سبب ذلك فقال: طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله تعالى إليه أتشكو إلى غيري، فقال يا رب خطيئة فاغفرها.
وقيل: المراد من قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} أني اتجمل لكم في صبري فلا أعاشركم على كآبة الوجه وعبوس الجبين بل أبقى على ما كنت عليه معكم وهو خلاف الظاهر جدًا: {والله المستعان} أي المطلوب منه العون وهو إنشاء منه عليه السلام للاستعانة المستمرة: {على مَا تَصِفُونَ} متعلق بالمستعان والوصف ذكر الشيء بنعمته وهو قد يكون صدقًا وقد يكون كذبًا، والمراد به هنا الثاني كما في قوله سبحانه: {سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] بل قيل: إن الصيغة قد غلبت في ذلك ومعنى استعانته عليه السلام بالله تعالى على كذبهم طلبه منه سبحانه إظهار كونه كذبًا بسلامة بوسف عليه السلام والاجتماع معه فيكون ذكر الاستعانة هنا نظير: {عَسَى الله أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: 83] بعد قوله فيما بعد: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}، وفي بعض الآثار أن عائشة رضي الله عنها قالت يوم الإفك: والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن اعتذرت لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وولده والله المستعان على ما تصفون فأنزل الله تعالى في عذرها ما أنزل، وقيل: المراد إنه تعالء المستعان على احتمال ما تصفونه من هلاك يوسف كأنه عليه السلام بعد أن قال: صبر جميل طلب الإعانة منه تعالى على الصبر وذلك لأن الدواعي النفسانية تدعو إلى إظهار الجزع وهي قوية والدواعي الروحانية الصبر الجميل فكأنه وقعت المحاربة بين الصفتين فما لم تحصل المعونة منه جل وعلا لا تحصل الغلبة، فقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يجرى مجرى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]: {والله المستعان على مَا تَصِفُونَ} يَجْرِى مجرى: {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ولعل الأول أسلم من القال والقيل، وللإمام الرازي عليه الرحمة في هذا المقام بحث، وهو: أن الصبر على قضاء الله تعالى واجب وأما الصبر على ظلم الظالمين ومكر الماكرين فغير واجب بل الواجب إزالته، لاسيما في الضرر العائد إلى الغير فكان اللائق بيعقوب عليه السلام التفتيش والسعى في تخليص يوسف عليه السلام من البلية والشدة إن كان حيًا، وفي إقامة القصاص إن صح أنهم قتلوه بل قد يقال: إن الواجب المتعين عليه السعي في طلبه وتخليصه لأن الظاهر أنه كان عالمًا بأنه حي سليم لقوله: {وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الاحاديث} [يوسف: 6] فإن الظاهر أنه إنما قاله عن وحي، وأيضًا إنه عليه السلام كان عظيم القدر جليل الشأن معظمًا في النفوس مشهورًا في الآفاق فلو بالغ في الطلب والتفحص لظهر ذلك واشتهر ولزال وجه التلبيس فما السبب في تركه عليه السلام الفحص مع نهاية رغبته في حضور يوسف وغاية محبته له، وهل الصبر في هذا المقام إلا مذموم عقلًا وشرعًا؟ ثم قال: والجواب أن نقول: لا جواب عن ذلك إلا أن يقال: إنه سبحانه وتعالى منعه عن الطلب تشديدًا للمحنة وتغليظًا للأمر، وأيضًا لعله عرف بقرائن الأحوال أن أولاده أقوياء وأنهم لا يمكنونه من الطلب والتفحص وأنه لو بالغ في البحث ربما أقدموا على إيذائه وقتله، وأيضًا لعله عليه السلام علم أن الله تعالى يصون يوسف عن البلاء والمحنة وأن أمره سيعظم بالآخرة ثم لم يرد هتك ستر أولاده وما رضي بإلقائهم في ألسنة الناس، وذلك لأن أحد الولدين إذا طلم الآخر وقع الأب في العذاب الشديد لأنه إن لم ينتقم يحترق قلبه على الولد المظلوم وإن أنتقم يحترق على الولد الذي ينتقم منه، ونظير ذلك ما أشار إليه الشاعر بقوله:
قومي هم قتلوا أميم أخي ** فإذا رميت يصيبني سهمي

ولئن عفوت لأعفون جللا ** ولئن سطوت لموهن عظمي

فلما وقع يعقوب عليه السلام في هذه البلية رأى أن الأصوب الصبر والسكوت وتفويض الأمر بالكلية إلى الله تعالى لاسيما إن قلنا: إنه عليه السلام كان عالمًا بأن ما وقع لا يمكن تلافيه حتى يبلغ الكتاب أجله. اهـ.

.قال القاسمي:

{وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ}
بيان لمكرهم بأبيهم بطريق الاعتذار الموهم موته القاطع عنه متمناه، لتنقطع محبته عنه، ولو بعد حين، فيرجع إليهم بالحب الكلي. وقدموا عشاء لكونه وقت الظلمة المانعة من احتشامه في الاعتذار الكذب، ومن تفرسه من وجوههم الكذب، وأوهموا ببكائهم وتفجعهم عليه إفراط محبتهم له المانعة من الجرأة عليه. ثم نادوه باسم (الأب) المضاف إليهم ليرحمهم، فيترك غضبه عليهم، الداعي إلى تكذيبهم.
{قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} أي: في العدو والرمي بالنصل: {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا} أي: ما يتمتع به من الثياب والأزواد وغيرهما ليحفظه: {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} أي: كما حذرتَ.
وقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه. يقولون: ونحن نعلم أنك لا تصدقنا في هذه الحالة، ولو كنا عندك صادقين، فكيف وأنت تتهمنا، وغير واثق بقولنا؟!.
وقد استفيد من الآية أحكام:
منها: أن بكاء المرء لا يدل على صدقه؛ لاحتمال أن يكون تصنعًا- نقله ابن العربي-.
ومنها: مشروعية المسابقة، وفيه من الطب رياضة النفس والدواب، وتمرين الأعضاء على التصرف- كذا في الإكليل-.
قال بعض اليمانين: اللعب إن كان بين الصغار جائز بما لا مفسدة فيه، ولا تشبه بالفسقة، وأما بين الكبار، ففيه ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون في معنى القمار، فلا يجوز.
الثاني: أن لا يكون في معناه، وفيه استعانة وحث على القوة والجهاد، كالمناضلة بالقسي، والمسابقة على الخيل، فذلك جائز وفاقًا.
الثالث: أن لا يكون فيه عوض كالمصارعة ونحوها. ففي ذلك قولان للشافعية: رجح الجواز، إن كان بغير عوض، أو بعوض يكون دفعه على سبيل الرضا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صارع يزيد بن ركانة.
وروي أن عائشة قالت: سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، فسبقته في المرة الأولى، فلما بدنتُ سبقني وقال: «هذه بتلك».
وفي الحديث: «ليس من اللهو ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه بقوسه». انتهى.
{وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}
بيان لما تآمروا عليه من المكيدة، وهو أنهم أخذوا قميصه الموشى، وغمسوه في دم معز كانوا ذبحوه. و{كذب} مصدر بتقدير مضاف، أي: ذي كذب. أو وصف به مبالغة، كرجل عدل. و{على} ظرف لـ: {جاءوا} مشعر بتضمنه معنى (افتروا).
وقوله: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا} أي: من تغيب يوسف، وتفريقه عني، والاعتذار الكاذب.
قال الناصر: وقواه على اتهامهم أنهم ادعوا الوجه الخاص الذي خاف يعقوب، عليه السلام، هلاكه بسببه أولًا، وهو أكل الذئب، فاتهمهم أن يكونوا تلقفوا العذر من قوله لهم: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب} وكثيرًا ما تتفق الأعذار الباطلة، من قلق في المخاطب المعتذر إليه، حتى كان بعض أمراء المؤمنين يلقنون السارق الإنكار. انتهى. وفي الإكليل: استنبط من هذا الحكم بالأمارات، والنظر إلى التهمة، حيث قال: {بَلْ سَوَّلَتْ}.
لطائف:
قال المهايمي: في الآية من الفوائد أن الجاه يدعو إلى الحسد، كالمال، وهو يمنع من المحبة الأصلية من القرابة ونحوها، بل يجعل عداوتهم أشد من عداوة الأجانب، وأن الحسد يدعو إلى المكر بالمحسود، وبمن يراعيه، وأنه إنما يكون برؤية الماكر نفسه أكمل عقلًا من الممكور به. وأن الحاسد إذا ادعى النصح والحفظ والمحبة، بل أظهره فعلًا؛ لم يعتمد عليه.
وكذا من أظهر الأمانة قولًا وفعلًا يفعل الخيانة. وأن الإذلال والإعزاز بيد الله، لا الخلق. وأن من طلب مراده بمعصية الله بعد عنه، وأن الخوف من الخلق يورث البلاء، وأن الإنسان وإن كان نبيًا، يخلق أولًا على طبع البشرية. وأن إتباع الشهوات يورث الحزن الطويل. وأن القدر كائن، وأن الحذر لا يغني من القدر.
قيل للهدهد: كيف ترى الماء تحت الأرض ولا ترى الشبكة فوقها؟ قال: إذا جاء القضاء عمي البصر.
و (التسويل) تزيين النفس للمرء ما يحرص عليه، وتصوير القبيح بصورة الحسن: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} صبر خبر أو مبتدأ، لكونه موصوفًا، أي: فشأني صبر جميل. أو فصبر جميل أجمل، والصبر قوة للنفس على احتمال الآلام كالمصائب إذا عرضت، والجميل منه هو ما لا شكوى فيه إلى الخلق ولا جزع، رضا بقضاء الله، ووقوفًا مع مقتضى العبودية.
{وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي: المطلوب منه العون على احتمال ما تصفون من هلاك يوسف- كذا قدروه- وحقق أبو السعود؛ أن المعنى على إظهار حال ما تصفون وبيان كونه كذبًا، وإظهار سلامته، فإنه علم في الكذب، قال سبحانه: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]، وهو الأليق بما سيجيء من قوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: من الآية 18 و83]، وتفسير المستعان عليه باحتمال ما يصفون من هلاك يوسف، والصبر على الرزء فيه؛ يأباه تكذبيه عليه السلام لهم في ذلك، ولا تساعده الصيغة، فإنها قد غلبت في وصف الشيء بما ليس فيه، كما أشير إليه. انتهى.
وفي قوله: {وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ} اعتراف بأن تلبسه بالصبر لا يكون إلا بمعونته تعالى.
قال الرازي: لأن الدواعي النفسانية تدعوه إلى إظهار الجزع، وهي قوية. والدواعي الروحانية تدعوه إلى الصبر والرضا. فكأنهما في تحارب وتجالد. فما لم تحصل إعانته تعالى لم تحصل الغلبة، فقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يجري مجرى قوله: {إِيَّاكَ نَعبُدُ} وقوله: {والله المُستَعاَنُ} يجري مجرى قوله: {وإِيَّاك نَستَعِينُ}. انتهى. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}
{وجاءوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُواْ ياأبانا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ متاعنا فَأَكَلَهُ الذئب وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صادقين}
{وَجَاءُوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} عطف على جملة: {فلما ذهبوا به} [سورة يوسف: 15] عطف جزء القصة.
والعشاء: وقت غيبوبة الشفق الباقي من بقايا شعاع الشمس بعد غروبها.
والبكاء: خروج الدموع من العينين عند الحزن والأسف والقهر.
وتقدم في قوله تعالى: {فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا} [سورة التوبة: 82].
وقد أطلق هنا على البكاء المصطنع وهو التباكي.
وإنما اصطنعوا البكاء تمويهًا على أبيهم لئلا يظن بهم أنهم اغتالوا يوسف عليه السّلام، ولعلّهم كانت لهم مقدرة على البكاء مع عدم وجدان موجبه، وفي الناس عجائب من التمويه والكيد.
ومن الناس من تتأثر أعصابهم بتخيل الشيء ومحاكاته فيعتريهم ما يعتري الناس بالحقيقة.
وبعض المتظلمين بالباطل يفعلون ذلك، وفطنة الحاكم لا تنخدع لمثل هذه الحيل ولا تنوط بها حكمًا، وإنما يناط الحكم بالبينة.
جاءت امرأة إلى شريح تخاصم في شيء وكانت مبطلة فجعلت تبكي، وأظهر شريح عدم الاطمئنان لدعواها، فقيل له: أما تراها تبكي؟ فقال: قد جاء إخوة يوسف عليه السّلام أباهم عشاء يبكون وهم ظلَمة كَذبَة، لا ينبغي لأحد أن يقضي إلا بالحق.
قال ابن العربي: قال علماؤنا: هذا يدلّ على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله لاحتمال أن يكون تصنّعًا.
ومن الخلق من لا يقدر على ذلك ومنهم من يقدر.
قلت: ومن الأمثال دموع الفاجر بيديه وهذه عبرة في هذه العبرة.
والاستباق: افتعال من السبق وهو هنا بمعنى التسابق قال في الكشاف: والافتعال والتفاعل يشتركان كالانتضال والتناضل، والارتماء والترامي، أي فهو بمعنى المفاعلة. ولذلك يقال: السباق أيضًا. كما يقال النضال والرماء. والمراد: الاستباق بالجري على الأرجل، وذلك من مرح الشباب ولعبهم.
والمتاع: ما يتمتع أي ينتفع به. وتقدم قي قوله تعالى: {لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم} في سورة النساء (102). والمراد به هنا ثَقَلهم من الثياب والآنية والزاد. ومعنى: {فأكله الذئب} قتله وأكل منه، وفعل الأكل يتعلق باسم الشيء. والمراد بعضه. يقال أكلَه الأسد إذا أكل منه. قال تعالى: {وما أكل السّبع} [سورة المائدة: 3] عطفًا على المنهيات عن أن يؤكل منها، أي بقتلها. ومن كلام عمر حين طعنه أبو لؤلؤة أكلني الكلب، أي عضّني. والمراد بالذئب جمع من الذئاب على ما عرفت آنفًا عند قوله: {وأخاف أن يأكله الذئب} [سورة يوسف: 13]؛ بحيث لم يترك الذئاب منه، ولذلك لم يقولوا فدفنّاه.
وقوله: {وما أنت بمؤمن لنا} خبر مستعمل في لازم الفائدة.
وهو أن المتكلم علم بمضمون الخبر.
وهو تعريض بأنهم صادقون فيما ادّعوه لأنهم يعلمون أباهم لا يصدقهم فيه، فلم يكونوا طامعين بتصديقه إياهم.
وفعل الإيمان يعدّى باللام إلى المصدّق بفتح الدال كقوله تعالى: {فآمن له لوطٌ} [سورة العنكبوت: 26].
وتقدم بيانه عند قوله تعالى: {فما آمن لموسى إلا ذريةٌ من قومه} في سورة يونس (83).
وجملة {ولو كنا صادقين} في موضع الحال فالواو واو الحال.
{ولو} اتصالية، وهي تفيد أنه مضمون ما بعدها هو أبعد الأحوال عن تحقق مضمون ما قبلها في ذلك الحال.
والتقدير: وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين في نفس الأمر، أي نحن نعلم انتفاء إيمانك لنا في الحالين فلا نطمع أن نموّه عليك.